The Official Website of Kareem Essayyad
Navigation  
  Home
  Kareem Essayyad
  Register
  Poetry
  SHORT STORIES
  NOVELS
  ESSAYS
  Critical Studies
  Philosophical Researches
  => مركب النص – التاريخ-ج1
  => مركب النص-التاريخ-ج2
  => نسق المنطق ومنطق النسق
  الترجمات
  Guestbook قاعة الضيافة
  Map / Satellite image
نسق المنطق ومنطق النسق
نسق المنطق ومنطق النسق
دراسة في العرض النسقي للمنطق عند ابن سينا
 
 
The System of Logic and The Logic of System

A study in the systematic exposition of logic of Ibn Sina (Avicenna) 
 
كريم الصياد
المعيد بقسم الفلسفة
آداب القاهرة
2008

نُشرَ بمجلة الجمعية الفلسفية المصرية، عدد 17، سنة 2008.



المحتويات

 

 

1-    المقدمة

الفصل الأول: الحقيقة والصورة (بحثًا عن مفهوم الحق في الوعي الإسلامي):

   - الإيجاب: الهجوم

 الدفاع

        النقد العقلي للوحي

        النقد العقلي للعقل

  - السلب:    الهجوم

الدفاع

النقد العقلي للوحي

النقد العقلي للعقل

   - نتائج ختامية

2-    الفصل الثاني: نسق المنطق:

   - الحدود

   - القضايا

   - البرهان

   - النتائج (الحقيقية)

3-    الفصل الثالث: منطق النسق:

  - تجسُّدُ النسق

  - الأنسقة وبتر الزوائد العَقَدية

-  منطق نسق المنطق

4-    خاتمة البحث

5-    قائمة المصادر والمراجع

 


المقدمـــــــــة

شغلت قضية الوافد والموروث، أو الوافد والرافد، أو التراث والعصر، أو التراث والحداثة، أو الاتباع والإبداع، أو الثابت والمتحول، أذهان الباحثين والمفكرين بشكل مزمن، منذ ما يُعرف بصدمة الحداثة أو نمو الوعي الفكري أو النهضة الفكرية، وذلك فى ارتباطها بنمو الوعي القومي وإلا استبدلنا كلمة "الإسلام" بكلمات "الموروث" و "الرافد" و "التراث" و"الثابت" وتعقدت القضية.

وتعددت مستويات وطرق المعالجة، منها ما يستبدل الثقافة الغربية بالثقافة الموروثة، ومنها ما يرتد إلى الموروث لإعادة اكتشاف أسباب التقدم فى المنابع الأولى، ومنها ما يحاول تغيير المسار بغير استبدال أو ارتداد عن طريق تغيير اتجاه الانحدار العام لسطح الثقافة وتصور التاريخ، وإن أجمعت كل تلك المعالجات على أن الأزمة ليست أمامها وإنما الأزمة الحقيقية تقبع فى الما وراء، ذلك أن عمل المفكر فى الغالب يدور حول المحور الثقافي ذى التسلسل القضوي والذى يمكن تعديل مساره بتعديل مقدماته، وهو سبب العودة النقدية للمفكر ونظرته للخلف، عكس عمل السياسي وعكس اتجاه نظرته.

وقد اعتمدت تلك المعالجات طيلة قرنين من الزمان على بعدين أساسيين:

الأول : هو البعد الشخصاني – الدرامي : ويظهر فيه عنصر " السيرة-الحدث "، ويحاول المفكر من خلاله نصرة قضيته بتركيز الضوء على شخوص بعينها، وذلك فيما يشبه كتابة السيرة بشكل مباشر أو غير مباشر، لشخوص استبدلوا بالقديم الحديث، وبالاتباع الإبداع وساهموا فى نهضة أوطانهم، أو شخوص الرسل والأنبياء والصحابة والتابعين والشهداء والعلماء والمتصوفة ممن صدقوا ماعاهدوا الله عليه، أو شخوصٍ لمفكرين وعلماء وفلاسفة ومصلحين استطاعوا أو حاولوا – على الأقل – تعديل المصير بتغيير المُتّجه وغرس بذور الوافد فى الرافد والرافد فى الوافد على سبيل تأصيل الإبداع، والإرهاص بالجديد، واحتواء الحداثة[1].


الثاني : هو البعد اللا شخصاني – المجرد : وهو يخلو من الحدث والشخص، فلا يعتمد على التاريخ والسير، ويتجاوز حدود الحقب الزمانية، ويحلق على مستوى المبادئ والقيم والصور المنطقية والصراعات الأيديولوجية، ومن خلاله يتحول المفكر من شخوص التابعين أو المبدعين أو المفكرين المرهصين بالجديد والناقدين للحداثة إلى ملاحظة ونقد علاقة اللزوم القيمي أو المنطقي لكل من محتويات المعالجات السابقة.

وتَجمع أغلب المعالجات البعدين معًا لتحقيق الوحدة البنائية، وتعليل أعمال الشخوص، وتشخيص مبادئهم، وذلك على التبادل، إلا ما توجه من هذه المعالجات إلى الجمهور فاقتصر على السرد الأدبي للسير، أو ما توجه إلى الخاصة فاقتصر على الاستنباط والبرهنة المقالية والبحثية، دون دعوة أو رسالة تقود الباحث والبحث، خيرُ مآل الأمر  لدينا إذًا إلى الجَمْع.

إن ابن سينا واحد من هؤلاء المرهصين بالجديد والناقدين له، لم يكن إنسانًا معلقًا فى الفضاء من دون هوية أو قضية، لم يكن بمعزل عن السياسة وهو مقيمٌ فى ديار الساسة مصاحبٌ لهم، لم يكن بمنأى عن الصراعات الطائفية والعقدية الدائرة من حوله وهو الذى ظهرت علاقة نسبة البيولوجي والفكري بالفرس والشيعة والمتصوفة واضحة لكل ذى عيان، لم يكن مجرد ناقل للفلسفة الأرسطية بذلك الحياد العلمي الأسطوري الأقرب إلى الخيال العلمي، لم يكن بريئًا.

وبالرغم من ذلك رسمت معظم المراجع صورته بما يحقق نفي النفي السابق، فهو – طبقًا لها – الفيلسوف العاشق للعلم لا المستخدِم له، المقدِّس لأرسطو لا الواعي به، الذكي لا الطموح، ذو العقلية الجبارة والحافظة المهولة، الذى عاش حياته طولًا وعرضًا وارتفاعًا وزمانًا، والذى صار نديم الأمراء والحكام فى كهولته وشيخوخته، بعد أن كان نديم أرسطو وفرفريوس وإقليدس وبطليموس والفارابي فى طفولته وشبابه([2])‍‍ ‍‍‍‍‍!!

والهدف أمام المجدِّد حينما يقع ابن سينا موقع الموضوع من وعيه، أن يتحول من نموذج راهب العلم إلى صاحب الدعوة، أن يتحول من الموضوع إلى الإشكال، وتتجلى قدرة الفيلسوف الخاصة فى (إشكال الموضوعات) – و"إشكال على وزن" "إفْعَال" كـ "إبدال" و "إكمال" و "إشعال" – حيث يفرض الفروض، ويستنبط النتائج، بمنهج فرضي استنباطي Hypothetico – deductive method، يترك التحقق Verification إلى العالِم والمؤرخ ويستبقي لنفسه مسئوليته عن جدة الفروض، وطاقتها التفسيرية، وبساطتها، واتساقها، وأخيرًا قدرتها على إلهام باحث قادم يؤمن بجرأتها وخامتها الخلّاقة.

الهدف هو "إشكال" نسق المنطق عند ابن سينا، بما هو منطق أولًا، وبما هو نسق ثانيًا، ويبدو من الصعوبة بمكان على التصور افتراض توظيف ابن سينا أو سواه للمنطق توظيفًا أيديولوجيًا ما، وهو آلة العلم الصورية بلا محتوَى محدد، فلو كان "المُشكَل" موضوعًا من موضوعات الفكر الديني أو الأخلاق أو السياسة أو حتى الطبيعيات (لعلاقتها بما بعد الطبيعة) لكان هذا أقرب إلى التصور، وأكثر مباشرةً إلى الهدف.

لكنْ تتجلى قدرة الفيلسوف الخاصة فى "إشكال" ما هو ومَن هو أقرب إلى الحياد، وكلما كان الموضوع محايدًا، كلما اختبر مهارات التفلسف حتى يحدد أبعد حدودها، ومدى اتساعها، وعمقها، وفاعليتها.

يبدأ الفصل الأول بالتمهيد، وهو إحكام وتفصيل للإشكالية تحت عنوان "الحقيقة والصورة"، وهو شكل من أشكال المعالجة لقضية "الوافد والموروث"، ويعرض لشكل الصدام بين العنصرين وأشكال تطور ذلك الصدام من خلال نماذج قديمة وحديثة، لينتهي إلى نتيجة مفادها أن الصدام وقع بشكلٍ أساسي فى نقطتين : المنطق والنسق، مما يلج مباشرةً إلى الفصلين الرئيسيين للبحث: الثاني والثالث، يتناول الثاني"نسق المنطق" : الحدود والقضايا والبرهان والنتائج، فى حين يتناول الثالث "منطق النسق" :اللانسقية فى الموروث، والأنسقة فى الوافد وبالوافد، ومنطق النسق عند ابن سينا.

يظهر ابن سينا فى الفصول الثلاثة في صور مختلفة، فهو مجرد نموذج للدراسة لفرض الفرض فى الفصل الأول مع عدة نماذج آخرى، لكنه تحت الضوء المركز فى الفصل الثاني فى صورة الأيديولوجي العقلاني، وهو فى الفصل الثالث فى مسوح العالِم الصارم، لكنْ الذى يخرج من هذه المسوح أحيانًا ليبدو فى صورته فى الفصل الثاني مرةً آخرى أو مرات آخريات.

الفصل الأول

الحقيقة والصورة

(بحثًا عن مفهوم الحق في الوعي الإسلامي)

 

تعد الحقيقة Truth هى المحتوَى، المضمون الذهني عن الكيان العيني، أما الصورة Form فهى الإطار، هى الشكل الخارجي، هى التعبير عن الحدود والإحداثيات التى يتم نظم المحتويات طبقًا لتصميمها الأوّلى، هى آلة العلم إذا كان المحتوى علمًا، هى المنطق إذا كان المحتوى معرفيًا، هى العَروض إذا كان المحتوى شِعرًا، هي التصميم الهندسى إذا كان المحتوى ماديًا ملموسًا، هى أبعاد السلم الموسيقى ومواصفات المقام والصيغة إذا كان المحتوى إيقاعًا ونغمًا، هى قوانين نيوتن وبلانك وآينشتين وهيزنبرج إذا كان المحتوى هو هذا الكون الطبيعى.

وقد استبعدنا مصطلح المضمون بدلًا من الحقيقة لما لمصطلح الحقيقة من بعد إيجابي يدل على اصطفاء مضمونها، فهي حكم معرفي وقيمي في آنٍ.

كما استبعدنا مصطلح المنهج أو البنية بدلًا من الصورة ، لأن المنهج أكثر تخصيصًا من الصورة، فهو خطوات محددة لعمل العقل، الصورة تستغرقه وهو لا يستغرقها، الصورة هي التصور الكلي المجرد للعلاقات بين أجزاء الظاهرة الفكرية، وهو ما يرادف مصطلح البنية من وجه[1]، غير أن الصورة مصطلح أكثر ارتباطًا بالمنطق الصوري الأرسطي والميتافيزيقا الأرسطية في مقابل المادة أو الهيولى، كذلك استعمله كانط ليفرق بين مادة المعرفة وصورتها، وبين مادة القانون الخلقي وصورته[2]. 

الحقيقة والصورة شكل من أشكال المعالجة لقضية الوافد والموروث، وهى بنية ثنائية[3] ، لا يظهر فيها الوافد بما هو تراث الآخَر، ولا الموروث بما هو تراث الأنا، وذلك لعدم الانتماء القومي، واتجاهًا نحو أنسنة القضية، وتوسلًا للموضوعية، وفيها يظهر الموروثُ في ثقافتنا القديمة حقيقةً بدون صورة، محتوى بدون شكل، وبالتالي بدون نسق، بدون صورة أي: بدون نسق المنطق، وبدون نسق أي: بدون منطق النسق، هو ذلك المحتوى الجديد للثقافة العربية الذى لم يخضع لقوانين المنطق الصوري، ولم يأخذ شكلًا نسقيًا حتى فى عملية جمع المصحف والأحاديث النبوية، محتويات معرفية كثيفة مبعثرة مجهولة العلة أحيانًا، وفاقدة للترابط أحيانًا آخرى.

وجاء المنطق الصوري ليصطدم بهذا المحتوى فى القرن الثالث الهجري، وهو ثقافة الصورة فى مقابل الحقيقة، كان المنطق الأطروحة، والوحي نقيض الأطروحة، ويبدو للناظر إلى ما تقدم أنه لا صدام بين الصورة والحقيقة، فالصدام إنما يقع بين صورتين مختلفتين، أو بين حقيقتين متنافيتين، ولكن الواقع أن كلًا من المعسكر الإسلامي والمعسكر اللا إسلامي كليهما اعتمد على مقولة العقلانية لترجيح كفته[4] وذلك عندما اتخذ كل منهما لها معنًى مختلفًا، ويصير السؤال هل العقل هو الحقيقة أم الصورة ؟ هل صفة العاقل مرهونة بمحتوى محدد لا غير وعقيدة معينة ليس سواها أم تطلق على كل ذى فكر متسق وقياس سليم ؟

كانت مقولة "العقل" إذًا من الأسلحة ذات الحدين، مع اختلافٍ بين هذين الحدين، حد الحقيقة، وحد الصورة، وقد اعتمد جزء كبير من تاريخ الإلحاد فى الإسلام ونقد النبوة والوحي على العقل، كما اعتمدت بعض الحركات السياسية فى الدولة الإسلامية أيضًا على العقلانية، وذلك فى القرن الثالث الهجري، عصر المأمون، والترجمة، والمعتزلة، دون أي توجه إلحادي أو لا ديني[5]، وربما قام المأمون (بدأت خلافته عام 198هـ) برعاية حركة الترجمة، ونصرة


[1] -انظر المعجم الفلسفي لجميل صليبا(دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، ط1، 1971 م) مادة(بنية)، والمعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية (الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة، دون رقم الطبعة، 1983 م) مادة(بنيان)

 

[2] -انظر المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية، مادة(صورة)

 

[3] -مثل معاجة أدونيس (الثابت والمتحول)، في مقابل كل من البنية الثلاثية عند حسن حنفي (النقل والتحول والإبداع) في: من النقل إلى الإبداع، والبنية الأُحادية عند محمد عابد الجابري (العقل العربي) في: نقد العقل العربي.

 

[4] -"تكتسب جدلية المعقول واللا معقول في الخطاب القرآني صورة الصراع بين "التوحيد" و"الشرك"... ذلك لأنه لما كان الشرك... ينطوي في ذاته على تناقض لا يقبله "العقل" إذ {لو كان فيها آلهةٌ إلا الله لفسدتا} (الأنبياء-22) فان نقيض الشرك، أي: التوحيد، هو وحده المقبول. ومن هنا يقدم القرآن كفاح الأنبياء والرسل على أنه كفاح من أجل نشر خطاب "العقل" وترجيحه" محمد عابد الجابري: تكوين العقل العربي (المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، أيلول 1991 م)، ص 136.

 

[5] -"ذلك لأن الفلسفة في المجتمع الإسلامي لم تكن مجرد متعة فكرية... بل كانت... مظهرًا من مظاهر الصراع الأيديولوجي المظهر الأقوى الذى يعكس... الصراعات السياسية والاجتماعية والعرقية داخل هذا المجتمع" محمد عابد الجابري: نحن والتراث (المركز الثقافي العربي، بيروت، ط6، 1993م) ص 147، كما يرى الجابري أن حركة الترجمة لم تكن بريئة، بل حركة أيديولوجية ليبرالية، وأن المعتزلة كانوا أيديولوجيي الدولة آنذاك – المرجع السابق، الموضع نفسه.

 





[1] - يسمى هذا الأسلوب في النقد الأدبي للدراما فعلًا بالإرهاص أو الغرْس أو الاستنباط

(2)  مثلًا: أبو علي بن سينا: منطق المشرقيين (المكتبة السلفية، مطبعة المؤيد، القاهرة، 1910م)، المقدمة عن سيرة حياته نقلًا عن ابن أبي أصيبعة وابن خلكان والقفطي ودائرة المعارف البريطانية، ص أ: ص يب.

 





 
   
 
  Kareem Essayyad

Create your badge
 
منهج تربوي مقترح لفاوست-النيل الثقافية  
   
Today, there have been 1 visitors (1 hits) on this page!
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free